تعزيز الثقافة الوطنية شرط احتراف المواجهة مع المحتل
بقلم: د. رأفت حمدونة - دكتوراة في العلوم السياسية
في سياق البحث عن آليات المواجهة للسياسات الاسرائيلية العنصرية المتطرفة، واستمرار التجاهل للوجود والكينونة والتاريخ الفلسطيني والمنظومة والمؤسسات والقرارات الدولية، والاستمرار بوتيرة متصاعدة من قبل القيادة الاسرائيلية الطارئة للمس بالحقوق والمقدسات بلا حسابات رغم المعارضة الداخلية والفلسطينية والعربية والدولية لتلك السياسات من قبل أحزاب وشخصيات أكثر ما يميزها الغباء والأحقاد والدوافع الدينية والعنصرية وأقصى درجات التطرف، فأجد من الأهمية بمكان التأكيد على بناء الفلسطينى المثقف بالثقافة الفلسطينية الوطنية، الفلسطينى المثقف الذي يعي تاريخه وينتمى لهويته الوطنية، الشخصية المحبة والمتسامحة والمتكاملة فلسطينياً في أدوارها ومهماتها الداخلية والخارجية وعلى كل الصعد.
وأعتقد أن عملية بناء المثقف الفلسطينى الوطني، تأتي عبر المؤسسات الرسمية كالتعليم في المدارس والجامعات والمناهج والمساقات ووزارة الثقافة وعبر الكتاب، وعبر المؤسسات الأهلية كالنقابات والاتحادات ومؤسسات المجتمع المدني، وعبر القوى الوطنية والاسلامية واللجان والمؤسسات الدينية والمساجد، والسفارات والملاحق الثقافية، ويعتمد على الاستمرارية والنفس الطويل، ويحتاج لجهد الكتاب والصحفيين والمؤسسات الاعلامية المشاهدة والمقروءة والمسموعة والإلكترونية.
وما أحوجنا لمثقف وطني ومناضل على الأرض قادر على مجابهة سياسة الاعدامات اليومية للمناضلين الفلسطينيين وفي السجون، ولكل السياسات الاسرائيلية التي تقترح القوانين العنصرية ووتقوم بالاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى، وتستمر في مسيرات الأعلام المستفزة والمحاولات بفرض سياسة الأمر الواقع للوجود الاسرائيلي الديني والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، تلك السياسات التي تمارس العنف والارهاب وسرقة الأرض، ولا تأبه بالتصريحات العنصرية الكارهة والحاقدة والمتجاهلة لكل القرارات والاتفاقيات الدولية.
نحتاج مثقف فلسطيني وناشط ينفي التصريحات العنصرية التي تنفي الوجود الفلسطينى على لسان المتطرفين ك " بن غفير " و" سموتيرتش" وادعائهم بأن الفلسطينيين ليسوا شعباً وليسوا بشراً، ويواجه سياسة سرقة الأراضي وإقامة المستوطنات كمحاولة لتغيير الوضع القانوني القائم، ويبين العالم بلغات مختلفة عنصرية الاحتلال ورفضه لمبدأ حل الدولتين والمسيرة السياسية والسلمية، واصراره على ترحيل الفلسطينيين، ويعمل على ضم الضفة الغربية وفرض القانون الإسرائيلي.
وأعتقد أنه من الممكن عزل هذه الحكومة وائتلافها المتطرف على المستوى الدولي، فى ظل السياسات غير المقبولة والمحرجة للعالم، عبر خطاب فلسطيني يحمل مشروع وطني متجانس قائم على الوحدة الوطنية، يمكن تسويقه بشكل مباشر عربياً ودولياً وغير مباشر عبر السوشيال ميديا لتحقيق أعلى درجات التضامن والمساندة للشعب الفلسطينى، وأعتقد أننا اليوم أكثر حاجة لتفعيل كل أشكال المقاومة فى وجه المحتل، واشغاله بشكل دائم، وتحويل احتلاله إلى احتلال مكلف، ومنشغل بشكل دائم حتى الحرية.