القرويات أصْل أصالة المغربيات
بقلم: مصطفى منيغ
خير لهنَّ تلك القَرَوِيات، البقاء حيث تَعوَّدن تضييع الوقت بالصبر مجَّاناً على تحمُّل الشديد من المعاناة، بين رغبات الرِّجال وتربية الأولاد ومراعاة الأليف من الحيوانات، على التسكُّعِ في المدن كبيرة أو صغيرة كانت بين المعروفة من الطرقات، حيث الصنف الخَشن يتصيد فرائس بشرية يزداد نأيه بها عن أخلاق بالكاد لها باقيات، في جو اعتلاه الاختناق بسبب انفلات أمن مجتمعي زرعت فتنه سياسة حكومات، ما همَّها مِن تَحَمُّلِ المسؤولية غير قضاء مهام ولايات، ارتبطت قَصُرَت أم امتدَّت بسلسلة من الويلات، أبسطها كثير من وضعيات، تركت امرأة ريفية عفيفة طول الأوقات، تنزح لتجريب حظَّها سباحة في نهر الذئاب عساها تعود مُحمَّلة بما تتباهى به من كمليات، ولو حصلت عليها ببيع الشرف في سوق رواده مِن شياطين اللذة المُحرَّمة المختومة بألعن اللعنات.
صراحة القرية المغربية أصبحت أكثر عرضة لكثير من الموبقات، ولن تكون هناك حلول من غير الإقرار بالمسبِّبات، والاعتراف الواضح البيِّن أن البعض تجاوز الحدود في التعامل مع مثل القضايا المصيرية بتحويل مقتضيات، عن وجهة إبلاغ أسس التنمية في العالم القروي ولو للأدنى من المتطلبات، حيث الأمر ليس بالهيِّن ما دام يُمثِّل الحفاظ الحقيقي على هوية هذا الشعب في جزء غير قليل منه حاجاته أصبحت مُهدَّدة في الصَّميم إذ الأصل في المغرب عالمه القروي بالذَّات.
الإحساس بالذنب تجَمَّد في مشاعر واضعي إستراتيجية المسيرة الجماعية لأمةٍ لها من أجل النَّجاح في المجال القروي كل المقومات، حتى عامل الإدراك لتعويض أي جزء او الكل دفعة واحدة أصبح من سابع المستحيلات ، لامتزاجه دوماً وفي كل المراحل المُعاشة بقلَّة الإمكانات، عِلماً أن عقوداً مرَّت لم يُسمَع خلالها سوي إصلاح أحوال استقرار القرويين فوق أرض بتوفير أولويات، الرفع من اهتمام الدولة بواسطة الحكومة بإبداع برامج تنتج مشاريع تُقام على سطحها ما له علاقة بالفلاحة من صناعات، لكن الواقع يصطدم بحقيقة مُرَّة تبتدئ بلا حياة لمن تنادي وتتوسَّط بإهمالٍ مقصود وإقحام المزارعين البسطاء في مؤامرة الديون المصرفيَّة المؤدية إلى إسكان العديد منهم في أظلم الزنزانات. وتنتهي بمهازل إنسانية تجسَّدت في مسرح اسبانيا وهي تستقبل الآلاف من النساء القرويات في مجملهن بالعمل في حقول توت الأرض وهُنَّ عن بيئتهن الشريفة بعيدات، ضاربة بالنخوة الوطنية عبر التَّيه قاصدة المس بالأعراف الإسلامية في العمق واسترخاص القيم الرفيعة لاقتناء مرحلة سِلَعُها بضع منبطحات.
العبرة درس ملقَّنٌ من طرف الحياة في مرورنا بها على أحداث، قد نساهم في صُنعِها أو القَدَر مَنْ يضعها حيالنا لنتدبَّر في إطار الممنوح لنا من سبيل لاختيارات، فنصيب الهدف بمحض إرادتنا أو نحصد على إثرها المزيد من الإخفاقات، لم أكن ساعتها في مواجهة من أي نوعٍ مع ذاك العامل "المحافظ " الذي جمعتنا وسطها مدينة العرائش مستفيدة (كما كانت تأمل) من نفوذه الوظيفي لإصلاح ما عمَّه الفساد داخلها وتطالبني كرجل إعلام بالدِّفاع عن رغبتها هذه بكل ما تتيحه لي مِن معلومات، تصرخ بما لا يقال خالياً من الدلائل والبراهين وصادق الشهادات، حيث بدا الزحف الاسباني على عقلية القرويين وبخاصة المستقرِّين في دواوير "العوامرة" التي كنتُ السبَّاق لأطلق عليها لقب " كويت" المغرب بما تُحقِّقه في الميدان الزراعي من استثمارات، ففي لقاء مباشر مع نفس العامل (المحافظ) السيد مولودي بوسيف وبنبرة صارمة تخلَّلتها غير المألوف على سماعها من كلمات، تؤدي دور الغاضب ممَّا يحدث بمباركة الصمت السلبي من طرف أعلى سلطة للدولة في إقليم العرائش الممثلة في شخصه التارك بعض الدخلاء الإسبان يستولون على أراضى القرويين إما اقتناءاً باثمنة بخسة أو كِراءاً على امتداد الأطول مِن الطويل بغير المنصفة من الاتفاقيات، قد يكون الخطر الداهم محدد مستقبلا ليصبح القروي على إثره مجرد مستخدم فاقد للحقوق فوق أرض كانت له ففرط فيها في لحظة بئيسة من اللحظات، تعود عليه بفتح المجال لاستعمار جديد قد يحول المنطقة الى مكسب بين يديّ الطغاة.
هناك شعرت أن مولودي بوسيف مُقيَّد بإتباع موقف يخلِّصه من تأجيج أزمات، فأجابني بما تعجَّبتُ له بكونه سيتصرَّف معي وكأنه لم يسمع من حديثي معه أي شيء بل الأمر تعلَّق فقط بتبادل التحيات. (للمقال صِلة).
***
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي