عقيدتنا في الامام المنتظر عجل الله فرجه الشريف
أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان اللّعين الرّجيم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على أشرف الخلق والأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا ونفوسنا النبيّ المؤيّد، والرّسول الأمجد المصطفى الأحمد أبي القاسم محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وعلى آله الأطهار الميامين الأبرار (عليهم السلام).
"رب اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبنته فاطمة الزهراء عليها السلام: "بنيّ فاطمة والذي بعثني بالحق نبياً أن مهدي هذه الأمة منا، إذا صار الناس في هرج ومرج وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقر كبيراً فعند ذلك يبعث الله منا من يفتح حصون الضلالة وقلوب غلف يقوم بالدين يملئ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً".
أولاً: بيان ولادته:
➢ أنه حي موجود منذ سنة 255هـ إلى يومناً هذا.
➢ اتفاق المسلمين قاطبة على خروج المهدي في آخر الزمان.
➢ الخلاف بين المسلمين في ولادته – أولد أم سيولد – تذهب الشيعة الإمامية إلى أنه ولد ويوافقهم في الرأي كثير من علماء السنة حتى أحصى 66 عالماً من علماء السنة قالوا بولادته منهم محي الدين ين العربي في الفتوحات المكية وسبط أبن الجوزي في تذكرة الخواص والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة، وذهب البعض إلى أنه يولد في الزمن القادم.
ثانياً: الاستدلال على ولادة الإمام وبقاءه إلى اليوم:
نفرغ إلى إمكان الإنسان أن يعيش فترة طويلة قرابة 1200سنة حيث أن خلايا الإنسان لها القابلية إلى الحياة لفترة طويلة حسب التغذية والطبيعة التي تعيش فيها فتتجدد، كما ذكر القرآن الكريم عن نبي الله يونس حيث قال المولى عز وجل: "فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"من سورة الصافات الآيتين رقم143،144، وكما ذكر المولى أيضا ً عن نبي الله نوح إنه لبث في قومه قبل أن يركب السفينة 950 عاماً ولم يذكر كم لبث بعدها من الزمن. وكذلك قصة أصحاب أهل الكهف أنهم ناموا ليلة واحدة ألا أن هذه الليلة قد استغرقت 309 سنة.
ثالثاً: الاستدلال بالأدلة العامة والأدلة الخاصة في حصول الولاية:
أ- الأدلة العامة:
من القرآن الكريم قوله: "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ"من سورة الإسراء الآية رقم 71.
وقوله تعالى: "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ"من سورة الرعد الآية رقم 7.
فالقرآن يدل على أن كل جيل من الأجيال لابد أن يكون له إمام في حديث الثقلين: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير اخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا ماذا تخلفوني فيهما".
وكذلك الحديث المشتهر وقد رواه أحمد بن حنبل في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وغيرهما: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية".
لو سألنا ما المقصود بالإمام في هذا الحديث...
الاختلاف على ثلاثة اتجاهات.
1- الإمام هو الحاكم، وهذا غير حاصل لأن كل البلدان الإسلامية لا يحكمها حاكم واحد.
2- المراد به العلماء والفقهاء، وهذا أيضاً غير حاصل لأن إمامة الفقيه مشروطة بشرطين وهي لا تجتمع في فقيه من الفقهاء وهما الانتخاب والبيعة والخبروية.
3- إن إمام الزمان هو المعصوم المعين من الله الذي يجب على الجميع بلا استثناء طاعته والخضوع لولايته.
ب- الأدلة الخاصة على وجوده:
أسرة الإمام العسكري من نساء الإمام وخدمه كلهم أخبروا عن ولادة الإمام ليلة النصف من شعبان.
خواص الشيعة يأتون وفودا ًعلى الإمام العسكري عليه السلام وكان يريهم الإمام ويقول لهم هذا خليفتي من بعدي سني رسول الله وكنيه أسمه على اسمه وكنايته على كنيته.
السفراء الأربعة طوال 70عام مدة الغيبة الصغرى كانوا يلتقون بالإمام ويوصلون مسائل الشيعة إلى الإمام وكان الإمام يجيب على مسائلهم ويؤدي طلباتهم وآخر سفير على ابن محمد السمّري عند موته قال له الإمام: "لا تعهد إلى أحد من بعدك ومن أدعي السفارة بعدك فهو كذاب.
رابعاً: فلسفة غيبة الإمام (بيان مغزى الغيبة):
الرأي الأول: ما أشار إليه العلامة الطبطبائي في تفسير الميزان (وما كنت تدري ما الكتاب وما الإيمان) وذكره الشهيد الصدر في بحثه حول المهدي ومفاده أن الغيبة كي يعايش الإمام تجربة الحضارات المختلفة لأن الإمام سوف يخرج بنهضة عالمية خاتمة بجميع الإطروحات فلابد أن يعيشها حساً.
الرأي الثاني: أن الغيبة لا ترجع إلى الشخصية أو التجربة إنما ترجع إلى مدى استعداد الناس إلى أطروحة الإمام وذلك أن الإمام يخرج بنهضة كونية متطور فلابد أن البشر مستعدون إلى هذه التجربة علمياً ونفسياً.
وهناك عدة من فوائد لوجود الإمام:
1- استقرار الكون، لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها والدليل على ذلك السنة المطهرة: "لو لا هؤلاء لما خلقت سماء مبنية ولا أرض مدحيه بكم فتح الله وبكم يختم وينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض".
2- تسديد الكثير من المؤمنين من خلال اللقاء بالعالم أو المؤمن من دون أن يعرف. فالإمام له السلطة على التأثير في نفس الإنسان وتفكيره دون أن يلتقيه فيمكن أن يؤثر دون حاجة للقاء "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا"من سورة الأنبياء الآية رقم 73. أي أمر لله وهو خارج عن دائرة حس البشر، وذكر الشيخ المفيد إن الإمام الصادق عليه السلام قال: "فائدة وجود الإمام مع غيبته كفائدة وجود الشمس إذا غطاها السحاب.
3- الدعاء فالإمام يدعو للمؤمنين لذلك يستحب للمسلم أن يطلب الدعاء للإمام ولقاءه.
من حقوق الإمام المهدي عليه السلام على الأمّة:
للإمام المهدي المنتظر عليه السّلام حقوق على الأمّة، والأمّة مُطالَبة بأداء هذه الحقوق تجاه إمامها وقائدها المنتظر الذي تنتظر الفَرَج على يدَيه، وتترقّب ظهوره بفارغ الصبر، وتدعو الله سبحانه في التعجيل لأمره.
ومن هذه الحقوق:
1 ـ حقّ المُنعِم على المُتنعِّم، وحقّ واسطة النِّعمة
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: « مَن آتى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تَجدوا فادعُوا له حتّى تَعلَموا من أنفُسِكم أنّكم قد كافأتموه » (1) وروي في الخرائج عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: يا داود، لولانا ما اطّردَت الأنهار، ولا أينعت الثمار، ولا اخضرّت الأشجار .
والإمام المهدي عليه السّلام وليّ نعمة الأمّة، وهو وآباؤه الأطهار عليهم السّلام « أولياء النِّعم » الذين أُشير إليهم في الزيارة الجامعة، ومن حقّ المُنعم على المتنعّم أن يُكافئه على إنعامه.
2 ـ حقّ الإمام على الرعيّة
روى الكُلَيني في ( الكافي ) عن أبي حمزة، قال: سألتُ أبا جعفر ( الباقر ) عليه السّلام: ما حقّ الإمام على الناس ؟ قال عليه السّلام: « حقُّه عليهم أن يسمعوا له ويُطيعوا ـ الخبر . وروى عن عبدالأعلى، قال: سمعتُ أبا عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام يقول: السمع والطاعة أبواب الخير، السامع المطيع لا حُجّةَ عليه، والسامع العاصي لا حجّة له، وإمام المسلمين تمّتْ حُجّتُه واحتجاجه يوم يلقى اللهَ عزّوجلّ، ثمّ قال: يقول الله تبارك وتعالى يومَ ندعو كُلَّ أُناسٍ بإمامِهم .
3 ـ حقّ السيّد على الآخرين
ومعنى سيادة الأئمّة عليهم السّلام كَونُهم أولى بالمؤمن من نفسه، قال تعالى النبيُّ أولى بالمؤمِنين مِن أنفُسِهم ، وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: « نحنُ بنو عبدالمطّلب سادة أهل الجنّة: أنا وحمزة وعليّ وجعفر والحسن والحسين والمهديّ » . وقد أشير إلى حقيقة سيادة الأئمّة عليهم السّلام في الزيارة الجامعة في فقرة « والسادةِ الوُلاة ».
4 ـ حقّ القرابة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
قال تعالى قُل لا أَسْألُكُم علَيهِ أجراً إلاّ المَوَدَّةَ في القُربى (7). روي عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزل قُل لا أسالُكم عليه أجراً إلاّ المودّةَ في القُربى ، قالوا: يا رسول الله، مَن قرابتُك الذين وَجَبَتْ علينا مَوَدّتُهم ؟ قال: عليّ وفاطمة وابناهما، عليهم السّلام .
وتجدر الإشارة إلى عِظَم هذا الحقّ، وأهميّة هذه المودّة التي جعلها الله تبارك وتعالى أجرَ رسالته، ولم يَقرِن معها سواها.
5 ـ حقّ الوالد على الولد
روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: يا عليّ، أنا وأنتَ أَبَوا هذه الأمّة .
وروى الكُلَيني في ( الكافي ) عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه قال ( في حديث طويل ): الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق .
وأخرج الموفّق الخوارزمي عن جابر بن عبدالله، وعن عمّار بن ياسر، وعن أبي أيوّب الأنصاري، قالوا:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: حقُ عليّ على المسلمين حقّ الوالد على ولده
وأخرج ابن المغازلي عن عليّ عليه السّلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا عليّ، حقُّك على المسلمين كحقّ الوالِد على ولده .
واجبات الفرد في زمن الغيبة:
أما الواجبات في زمن الغيبة وهو زماننا الحالي فلا بد أن نعد أنفسنا لإقامة الأحكام الإسلامية على الأرض ضمن المنهجية القرآنية والسنة الشريفة من النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) متبلورة اليوم على يد العلماء المراجع ـ نواب الإمام ـ ومن المؤكد أن يكون هذا طموح كل إنسان مسلم في هذا العصر أن نمهد لظهور الإمام المهدي المنتظر ونكون جنوداً أوفياء لدولته المباركة ومن واجباتنا اليوم تبيان حقيقة المقاييس الصحيحة للقيادة الواعية والمستقيمة ليتم اتباعها وهي منهجية أئمة أهل البيت(عليهم السلام) وهذا مما يكشف زيف أئمة الجور والأمراء المتسلطين ويدفعنا نحو الموقف المبدئي المطلوب اتجاههم يقول الإمام الصادق(عليه السلام): (من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته من الله كان مشركاً).
والإمام الباقر(عليه السلام) يقول: (إن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله والحق قد ضلوا بأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. . ).
وهذا التحذير يستمر إلى قيام الساعة يقول الإمام الصادق(عليه السلام): (من ادعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر) ويقول أيضاً: (ما تبقى الأرض يوماً واحداً بغير إمام منا تفزع إليه آكامه).
فإذن لا بد من البحث الحثيث في زمن الغيبة لمعرفة الأئمة وامتدادات الأئمة في المشروع القيادي المستقيم وبالمقابل لفضح أئمة الجور المتسلطين الذين توقع النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) ـ كما قلنا آنفاً ـ ظهورهم على مسرح السياسة الإسلامية لذلك حذر المسلمين منهم بكثير من الأحاديث الشريفة، منها:
قال(صلى الله عليه وآله): (إن رحى الإسلام ستدور فحيث ما دار القرآن فدوروا به ويوشك السلطان والقرآن أن يقتتلا ويتفرقا، إنه سيكون عليكم ملوك يحكمون لكم بحكم ولهم بغيره فإن أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم) قالوا: كيف بنا إن أدركنا ذلك.
قال: (تكونون كأصحاب عيسى نشروا بالمناشير ورفعوا على الخشب موت في طاعة خير من حياة في معصية. . . ).
وفي حديث آخر: (يا علي أربع من قواصم الظهر: إمام يعصي الله ويطاع أمره) وقال الإمام علي(عليه السلام) (احذروا على دينكم ثلاث. . . ورجلاً آتاه الله سلطاناً فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. . . . ).
أما الأحاديث المزورة التي تدفع الناس للخضوع لأولي الأمر حتى الظالمين منهم فكثيرة كان هدفها سياسياً معروفاً لإيجاد حالة الرضى من الظالمين الحاكمين والاسترخاء على أمر الفساد الشائع من قبل السلاطين وأنها غير صحيحة كما يروى عن الرسول(صلى الله عليه وآله) (الجهاد واجب عليكم مع أمير براً كان أو فاجراً وإن هو عمل الكبائر والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن هو عمل الكبائر. . . ).
هذه الروايات تصطدم مع القرآن الكريم والشريعة الإلهية وإنها جعلت لتخدير الشعوب المسلمة أمام انحراف الأمراء فقد قال سبحانه: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار. . ). [سورة هود: الآية 113].
والحديث الشريف الذي يرويه الإمام الحسين(عليه السلام) عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) يحدد معالم التحرك الواعي نحو الصلاح فقد قال(صلى الله عليه وآله): (من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباده بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله).
وقال الإمام علي(عليه السلام): (اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافساً في سلطان ولا التماساً لشيء من فضول الحطام ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك. . . ) فإذن لا بد من معرفة الكلمة الصادقة والرأي الشجاع في الشريعة الإسلامية.
وإلا كيف يمكن أن يصبر الإنسان المؤمن على حاكم باسم الإسلام كيزيد حيث الفساد الشخصي والاجتماعي والسياسي ـ كما هو معروف ـ فالذين يحكمون كيزيد ـ وإن كانوا يحكمون باسم الإسلام ـ إلا أن الموقف المطلوب هو الرفض لهؤلاء والبحث عن أئمة الحق. . . ونقرأ في التاريخ الكثير من الخلفاء الذين حكموا في الأدوار الأموية والعباسية والعثمانية كانوا كأمثال يزيد فهذا الوليد ـ الخليفة الأموي ـ المعلن بالفسق والفجور فقد رمى القرآن الكريم غضباً لما تفاءل به فجاءت الآية المباركة (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) رماه بالنبل حتى خرقه وأنشأ يقول:
تهــــددنـي بجـــبـار عـنــيـد فـــها أنا ذا جـــبـار عـــنــيد
إذا ما جئـت ربـك يوم حشر فــقـل يــا رب مزقني الوليد
هذا تصرف يقوم به خليفة المسلمين ولا بد أن نطيعه ونقتدي به !، أي منطق يقبل ذلك هل لأنه حاكم على المسرح، وهل لدينا نص شرعي يقول بذلك ؟ بينما النصوص الشرعية على العكس تماماً. .
هذه مجمل المواقف المطلوبة اتجاه أئمة الحق أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
26- القيادة الإسلامية ص 84.
27- ميزان الحكمة
للاشتراك مع القاسم النشابه
0097333068932